ثــقــافــة الــذاكــرة الــحــيــة

التعامل مع ذكريات الحرب والحكم الظالم والدوافع الأيدلوجية للجرائم والجور السياسي في القرن العشرين، وكذلك ذكرى ضحايا الملاحقة والاعتقال، تلعب جميعها دورا مهما في ثقافة ذاكرة جمهورية ألمانيا الاتحادية. وضمن هذا السياق يلعب الحفاظ على شهادات شهود العصر دورا جوهريا في ثقافة الذكرى الموجهة إلى الحفاظ على ذكرى وأفعال النازية في وعي الأجيال القادمة، لتكون عبرة ورادعا ومسؤولية.

ومـن ضـمـن ثـقـافـة الـتـذكـر الـحـيـة أيـضـا الـعـديـد مـن النـصـب والـمـواقـع التـذكـاريـة لمـخـتـلـف فـئـات الـضـحـايـا فـي شـتـى أنـحـاء ألمانيا. ففي وسط برلين على سبيل المثال يقوم النصب التذكاري، ليذكر الأجيال بحوالي ستة ملايين يهودي قضوا في أوروبا ضحية المحرقة النازية "الهولوكوست".

في أيار/مايو 2025، احتفلت ألمانيا بذكرى نهاية الحرب العالمية الثانية، وبالتالي نهاية الديكتاتورية النازية قبل 80 عامًا. وفي تشرين الأول/أكتوبر 2025، احتفلت البلاد بمرور 35 عامًا على إعادة توحيد ألمانيا. وحتى في عامي 2014 و2015، اللذين شهدا الذكرى المئوية لاندلاع الحرب العالمية الأولى والذكرى الخامسة والعشرين لسقوط جدار برلين، اتسمت الاحتفالات في المقام الأول بالامتنان. وقد أُعرب عن هذا الامتنان لقوات الحلفاء في التحالف المناهض لهتلر على التحرير في عام 1945، ولكن أيضًا على فرصة إعادة الإعمار وكذلك إعادة توحيد البلاد في عام 1990. كما تم تقديم الامتنان أيضًا لأولئك الذين شهدوا، كناجين من الهولوكوست، الجرائم التي ارتُكبت ضدهم - والذين مدوا يد العون للديمقراطية الألمانية الجديدة، بعد الحرب العالمية الثانية.

أيضًا الحفاظ على ذكرى الديكتاتورية الشيوعية في ظل الاحتلال السوفييتي (SBZ، 1945-1949) ونظام جمهورية ألمانيا الديمقراطية (1949-1990) للأجيال التي لم تشهد تقسيم ألمانيا ونظامها، يعبتر من الأمور المهمة. واصل المفوض الاتحادي لسجلات جهاز أمن الدولة في جمهورية ألمانيا الديمقراطية مراجعة الملفات وفرزها وإتاحتها للمتضررين والباحثين. في منتصف عام 2021، نُقلت هذه المهام والمسؤولية عن السجلات إلى الأرشيف الاتحادي. يُظهر معرض دائم في المقر السابق لجهاز أمن الدولة في جمهورية ألمانيا الديمقراطية (شتازي) في برلين بوضوح أساليب وإجراءات جهاز شتازي للتجسس على السكان والسيطرة عليهم وترهيبهم.

النصب التذكاري للمقاومة الألمانية ضد النازية في بيندلربلوك بمنطقة وسط برلين مُكرّس لمقاومة الديكتاتورية النازية. وهو مبني في الموقع التاريخي لمحاولة الانقلاب الفاشلة التي شنّتها مجموعة الكونت شتاوفنبيرغ في 20 تموز/يوليو 1944. يوثّق النصب التذكاري بشكل مُلفت كيف قاوم الأفراد والجماعات الديكتاتورية النازية بين عامي 1933 و1945، وكيف استغلّوا الفرص المُتاحة لهم للنضال.