Skip to main content
الدولة والسياسة

دولــة فــدرالــيــة

ألمانيا عبارة عن ديمقراطية برلمانية. يتجلى طابعها الفدرالي من خلال 16 ولاية اتحادية تتمتع باستقلالية كبيرة.
Reichstagskuppel
على سطح الرايشستاغ في برلين: يوميا يزور مبنى البرلمان حوالي 8000 شخص © stock.adobe.com

ألمانيا عبارة عن ديمقراطية برلمانية فدرالية. الجهاز الدستوري الأكثر حضورا في الإدراك العام هو البوندستاغ (البرلمان الاتحادي)، وهو يتم انتخابه من الشعب مباشرة كل أربع سنوات. وأهم وظائف البوندستاغ هي إصدار القوانين "التشريع" ومراقبة العمل الحكومي. ويقوم البوندستاغ بانتخاب المستشار الاتحادي أو المستشارة الاتحادية بشكل سري، لطيلة فترة الدورة البرلمانية. يتمتع المستشار أو المستشارة بسلطة القرار ضمن الحكومة، وهذا يعني أنه المسؤول عن وضع الخطوط العريضة الملزمة للسياسة الحكومية. يختار المستشار الاتحادي أو المستشارة الاتحادية الوزراء الاتحاديين كما يختار من بينهم نائبا له، أي نائب أو نائبة المستشار. ولكن في الممارسة الفعلية، يقع القرار بيد الأحزاب المشاركة في تشكيل الحكومة، والتي يشارك ممثلوها في الحكومة، ومن خلال الحقائب الوزارية التي تحصل عليها بموجب الاتفاق على تشكيل الائتلاف الحاكم. وفي حال انهيار الائتلاف، فإنه يمكن أيضا أن يسقط المستشار أو المستشارة قبل انقضاء الدورة البرلمانية المكونة من أربع سنوات، حيث أن من صلاحيات البوندستاغ أن يسحب الثقة من رئيس/رئيسة الحكومة في أي وقت. ولكن يتوجب على البرلمان في هذه الحال، ومن خلال ما يعرف باسم "سحب الثقة البَنّاء"، أن ينتخب مباشرة خليفة للمستشار. أي أنه من غير الممكن أن تمر أية فترة زمنية، لا وجود فيها لحكومة منتخبة في البلاد.

الحكـومات الائـتلافـية هي القـاعدة في ألمـانـيا

المهم بالنسبة لشكل وتركيبة البرلمان هو نظام التمثيل النسبي ذو الطابع الشخصي. أيضا الأحزاب الصغيرة يمكن أن تكون ممثلة في البوندستاغ كنتيجة للانتخابات، وذلك بما يتناسب وحجمها. وباستثناء حالة واحدة، فإن الحكومة الاتحادية كانت حتى الآن دوما ائتلافية، ضمت تراكيب عديدة مختلفة من الأحزاب التي كانت تتنافس خلال الانتخابات. ومنذ أولى انتخابات البوندستاغ في عام 1949 تشكلت حتى الآن 24 حكومة اتحادية ائتلافية. ومن أجل تفادي التشتت في البرلمان، وتسهيل تشكيل الحكومة الاتحادية، يجب على الأحزاب تحقيق 5% من الأصوات الصالحة في الانتخابات (أو ثلاثة أعضاء منتخبين مباشرة)، لكي تتمكن من دخول البوندستاغ (تجاوز عتبة 5%). 

البنية الفيدرالية في ألمانيا تنعكس أيضا على الصلاحيات الواسعة التي تتمتع بها الولايات الألمانية الستة عشر، وخاصة في مجالات الشرطة والوقاية من الكوارث والقضاء والتعليم والثقافة. ولأسباب تاريخية تعتبر كل من مدن برلين وهامبورغ وبريمن أيضا ولايات اتحادية مستقلة في ذات الوقت. وتتفرد ألمانيا في العلاقة الوثيقة والمتداخلة بين الولايات الاتحادية والحكومة المركزية، وهو ما يتيح لحكومات الولايات إمكانية المشاركة في الحياة السياسية الاتحادية بشكل فعال.

تنوع كبير في أشكال الائتلافات في البوندسرات

وهذا ما يحصل بشكل أساسي من خلال مجلس الولايات "بوندسرات"، وهو الهيئة الثانية التي تتكون من ممثلين عن حكومات الولايات، ومقره أيضا في مدينة برلين. الولايات الاتحادية الغنية بعدد السكان تتمتع بتمثيل أكبر من الولايات الصغيرة، في مجلس الولايات. وحتى الأحزاب التي تكون في طرف المعارضة على المستوى الاتحادي، أو حتى غير مُمَثلة في البوندستاغ، يمكنها أيضا التأثير في السياسة الاتحادية، من خلال تواجدها في حكومات الولايات، وبالتالي في مجلس الولايات، حيث أن العديد من القوانين والقرارات والتعليمات الاتحادية تتطلب موافقة مجلس الولايات، إضافة إلى البوندستاغ. منذ 2011 و2014 - وللمرة الأولى - يترأس الوزارة في ولايتين ألمانيتين (بادن-فورتمبيرغ وتورينغن) رئيسا وزراء من الحزبين الأصغر تمثيلا في البوندستاغ، حزب الخضر (بوندنيس 90/الخضر) والحزب اليساري. 

وبما أنه لا يوجد مواعيد مُوَحّدة لانتخابات برلمانات الولايات، ناهيك عن اختلاف طول الدورات البرلمانية بينها، يمكن أن يحصل خلال دورة برلمانية للبوندستاغ تغيرات في موازين القوى في مجلس الولايات. التركيبة الحالية لحكومات الولايات لا تضمن للحكومة الاتحادية غالبية مضمونة في مجلس الولايات. رغم ذلك، لا يوجد في المجلس تكتلات كبيرة واضحة يمكن تتخذ موافق متطابقة وتصويتا موحدا، بسبب التنوع الكبير في تركيبة الحكومات الائتلافية في الولايات الألمانية الستة عشر، وهو تنوع لم يسبق له مثيل منذ تأسيس الجمهورية الاتحادية.

في ربيع 2020 كان هناك إلى جانب ثلاث حكومات ولايات من حزبي CDU وSPD، وثلاث من اليسار وSPD والخضر، وثلاث من CDU وSPD والخضر. إضافة إلى حكومتين من CDU والخضر، وحكومة ائتلاف واحدة من SPD والخضر، وواحدة من CDU وFDP، وأخرى من CDU والخضر وFDP، وأخرى من SPD وFDP والخضر، وواحدة من CSU والناخبين الأحرار.

الـرئـيـس الاتـحـادي هو رأس الـدولـة

المنصب البروتوكولي الأعلى في الدولة هو منصب الرئيس الاتحادي أو الرئيسة الاتحادية. وهو لا يتم انتخابه من قبل الشعب، وإنما من قبل تجمع اتحادي يتم اختياره خصيصا لهذه الغاية. ويتألف نصف هذا المجلس الاتحادي من أعضاء البوندستاغ، بينما يتألف النصف الآخر من أعضاء تنتخبهم برلمانات الولايات بما يتناسب مع تمثيلها النسبي. يمارس الرئيس الاتحادي أو الرئيسة الاتحادية صلاحيات مهمته لمدة خمس سنوات، ويمكن إعادة انتخابه لمرة واحدة. منذ 2017 يشغل منصب الرئيس الألماني الاتحادي فرانك-فالتر شتاينماير. وكان بصفته سياسيا بارزا في حزب SPD قد شغل منصب وزير الخارجية الألماني من 2005 حتى 2009، ومن 2013 حتى 2017. شتاينماير هو الرئيس الاتحادي الثاني عشر للجمهورية، منذ 1949. وعلى الرغم من أن الرئيس الاتحادي يتمتع بمهمات تمثيلية بروتوكولية بالدرجة الأولى، فإن باستطاعته أيضا رفض التوقيع على القوانين، إذا كان يخشى أن تكون متعارضة مع الدستور. وقد مارس أصحاب هذا المنصب التأثير الأكبر حتى الآن من خلال الخطابات العامة التي تحظى بالاهتمام الكبير. لا يتدخل الرئيس الاتحادي لصالح أي من الأحزاب، إلا أنه يتناول الموضوعات الآنية، ويدعو الحكومة والبرلمان والشعب إلى معالجتها. خلال فترة تشكيل الحكومة الاتحادية بعد انتخابات البوندستاغ 2017 والتي كانت طويلة بشكل غير معهود في ألمانيا، كان من المهم جدا بالنسبة لشتاينماير تجنب إعادة تنظيم الانتخابات من جديد. ولولا تدخله لما كان حزب SPD حتى هذه اللحظة مستعدا لخوض تجربة الائتلاف الكبير مرة أخرى. أيضا في زمن أزمة كورونا تدخل شتاينماير من جديد. ففي نيسان/أبريل 2020 تحدث إلى المواطنين في كلمة له عبر التلفزيون، طالبا منهم تفهم الإجراءات الرامية إلى كبح انتشار الجائحة والالتزام بها.

المحكـمة الدسـتورية الاتحـادية في كارلـسـروة تـراقـب الالـتزام بالـدسـتور

تتمتع المحكمة الدستورية الاتحادية في كارلسروة بالكثير من السلطة في البلاد، وتحظى بالاحترام الشديد من قبل أبناء الشعب. حيث تعتبر المحكمة "الوصية على الدستور"، وتقدم من خلال أحكامها وقراراتها المدروسة تفسيرا مُلزِما للدستور الألماني. ومن خلال مَجلِسَيها تقوم بالفصل في الخلافات حول توزيع وتقاسم السلطات بين الهيئات الدستورية، كما يمكنها تقرير فيما إذا كانت القوانين غير متوافقة مع الدستور. أبواب المحكمة الدستورية مفتوحة لكل مواطن ألماني، يشعر بالانتقاص من حقوقه الأساسية أو تهديدها بسبب أحد القوانين.