Skip to main content
الاقتصاد والإبداع

الاقتصاد المبتكر: ألمانيا تفكر من جديد

كيف تحافظ دولة صناعية على قدرتها التنافسية في العصر الرقمي؟ تعتمد ألمانيا على الابتكار والشركات الناشئة والمتخصصين المؤهلين.
Lackierroboter
التكنولوجيا في الاستخدام: في المصانع الألمانية، يعمل الإنسان والآلة بشكل مترابط بشكل متزايد.
© dpa

ألمانيا هي صاحبة أكبر اقتصاد في الاتحاد الأوروبي(EU)، وثالث أكبر اقتصاد في العالم بعد الولايات المتحدة الأمريكية والصين. وترتبط الجمهورية الاتحادية بشكل وثيق في الاقتصاد العالمي، حيث تُصنّف بانتظام بين أكبر ثلاث دول مصدرة ومستوردة في العالم. بلغ ناتجها المحلي الإجمالي حوالي 4,3 تريليون يورو في عام 2024. وقد صدرت ألمانيا سلعًا بقيمة حوالي 1555 مليار يورو في ذلك العام، واستوردت سلعًا بقيمة تزيد عن 1316 مليار يورو.

أهم شركاء ألمانيا التجاريين هم:

  • دول الاتحاد الأوروبي (التي تُمثّل حوالي ثلثي الحجم الإجمالي)
  • الصين
  • الولايات المتحدة الأمريكية

تشمل القطاعات الناجحة بشكل خاص في السوق العالمية ما يلي:

نقاط القوة في ألمانيا: الشركات الصغيرة والمتوسطة، والشركات الناشئة، والأبحاث

تتميز ألمانيا أيضًا ببيئة أعمال ناشئة متنوعة ونشطة. ويُشكل قطاع الشركات الصغيرة والمتوسطة (Mittelstand) العمود الفقري للاقتصاد الألماني، والذي يضم أيضا العديد من الشركات العالمية الرائدة من جميع أنحاء ألمانيا.

تُعتبر القدرة الابتكارية للشركات الألمانية القوة الدافعة للنمو الاقتصادي. ولضمان هذه القدرة وتعزيزها، تستثمر ألمانيا أكثر من ثلاثة في المائة من ناتجها المحلي الإجمالي في البحث والتطوير. ومن إجمالي الإنفاق السنوي الذي يتجاوز في هذا المجال 121 مليار يورو، يُخصص أكثر من ثلثيه للقطاع الخاص.

كيف تجعل ألمانيا الابتكار استراتيجية مستقبلية؟

تُشجع ألمانيا بشكل خاص التقنيات والابتكارات ونماذج الأعمال الجديدة والمُبتكرة. ولهذا الغرض، أُنشئت في السنوات الأخيرة الوكالة الاتحادية للابتكار السريع (SprinD GmbH، 2019) والوكالة الألمانية للنقل والابتكار (DATI، 2021). كما اعتمدت الحكومة الألمانية استراتيجيتها للذكاء الاصطناعي في عام 2018. وفي صيف عام 2022، اعتمدت استراتيجية مماثلة للشركات الناشئة.

الدول التجارية الخمس الكبرى

(حسب الحصة من الصادرات العالمية، 2023، المصدر: الأونكتاد، الأرقام بالنسبة المئوية)

من اقتصاد السوق الاجتماعي إلى اقتصاد السوق الاجتماعي البيئي

منذ عام 1949 شكّل نموذج اقتصاد السوق الاجتماعي أساس السياسة الاقتصادية الألمانية. وقد قاد هذا المفهوم، الذي طوّره المستشار لودفيغ إرهارد في فترة ما بعد الحرب، ألمانيا نحو مسار تنموي ناجح. فهو يضمن حرية النشاط الريادي الحر، ويسعى في الوقت نفسه إلى تحقيق المساواة الاجتماعية.

لماذا يعد التأهيل المهني المزدوج نموذجا للعالم؟

يتميز الاقتصاد الألماني بقوة الشركات المتوسطة الحجم. أكثر من 99% من جميع الشركات في ألمانيا هي شركات صغيرة ومتوسطة. كما أنها توفر أكثر من نصف الوظائف وحوالي 75 في المائة من أماكن التأهيل المهني. وهي تعتبر بالتالي الضمانة لنظام التأهيل المهني المزدوج الذي يجمع بين المعرفة النظرية في المدارس المهنية والتدريب العملي في الشركات. يتمتع هذا النموذج بسمعة ممتازة عالميًا، وتعتمده العديد من الدول.

فرانكفورت: عاصمة التمويل والسياسة النقدية الأوروبية

علاوة على ذلك، يتميز موقع ألمانيا الاقتصادي بوجود شركات كبيرة ناجحة على المستوى الدولي. العديد منها مُدرج في مؤشر الأسهم الألمانية «داكس» في بورصة فرانكفورت، التي تعتبر أهم مركز مالي في أوروبا القارية. كما يقع فيها المقر الرئيسي للبنك المركزي الأوروبي، وهو مؤسسة تابعة للاتحاد الأوروبي مسؤولة، من بين أمور أخرى، عن استقرار سعر اليورو.

سوقُ عملٍ مستقر وجذَّاب

أثبتت سوق العمل الألمانية صمودها في الماضي، حتى في أوقات الأزمات. وتُعدّ ألمانيا من بين دول الاتحاد الأوروبي التي تتمتع بأعلى معدلات توظيف وأدنى معدلات بطالة. في عام 2024 بلغ متوسط ​​معدل البطالة في ألمانيا 6,0 في المائة، كما أن معدلات بطالة الشباب منخفضة جدًا.

لماذا يمكن لأسلوب العمل لفترة قصيرة أن يضمن الحصول على وظائف؟

أثبتت مزايا العمل بدوام جزئي فعاليتها. تغطي الحكومة مؤقتًا جزءًا كبيرًا من خسارة الرواتب عند تكليف الموظفين بالعمل بدوام جزئي مؤقتًا بسبب الوضع الاقتصادي للشركة. يسمح هذا للموظفين بالاحتفاظ بوظائفهم في ظل الأزمات، ويجنب الشركات فقدان كوادرها المدربة.

كيف تتعامل ألمانيا مع مشكلة نقص العمالة الماهرة؟

تُعدّ العمالة الماهرة والمتخصصة المُدربة تدريبًا جيدًا شرطًا أساسيًا للقدرة التنافسية للاقتصاد الألماني. ولذلك، تُركز ألمانيا على تحسين الظروف الإطارية، على سبيل المثال، من خلال توسيع نطاق رعاية الأطفال طوال اليوم. من ناحية أخرى، تُساعد اللوائح القانونية، مثل قانون هجرة العمالة الماهرة المُعدّل، على جذب العمالة الماهرة والتخصصية من الخارج، لا سيما في ظلّ التغير الديموغرافي في البلاد.

كيف تساهم البنية التحتية الرقمية في دفع عجلة التغيير الصناعي؟

تواجه ألمانيا، مثل كل بلدٍ تقريبًا في هذا العالم، تحدّيًا لدفع رقمنة الموقع الاقتصادي، وفي الوقت نفسه إنجاز التحول الرقمي في عالم العمل. ولتحقيق هذه الغاية، يجري العمل على توسيع وتعزيز البنيةُ التحتية الرقمية من خلال الاتصالات ذات النطاق العريض والجيل الخامس، من بين أمور أخرى. كما أن ألمانيا، ومن خلال التطوُّر التكنولوجي لإنترنت الأشياء (IoT) تدعم بشكلٍ خاص التحول إلى الثورة الصناعية الرابعة 4.0، حيث تتشابك العمليات الإنتاجية مع إمكانات الاتصالات عبر الإنترنت.

ما هي الدوافع التي تعزز مكانة ألمانيا كمركز للشركات الناشئة؟

علاوةً على ذلك، وفي إطار استراتيجيتها لدعم الشركات الناشئة، تهدف الحكومة الألمانية إلى جعل ألمانيا وجهةً رائدةً لرواد الأعمال في أوروبا. وتهدف العديد من التدابير والمبادرات، في مجالات الابتكار والرقمنة والاستدامة، على سبيل المثال، إلى تحسين الظروف الإطارية لتأسيس الشركات وتسهيل تمويلها.