ماذا تعني الفدرالية في ألمانيا؟

ألمانيا دولة اتحادية. لكلٍّ من الحكومة الاتحادية والولايات الاتحادية الستة عشر صلاحياتها الخاصة. تقع مسؤولية الأمن الداخلي، والمدارس، والتعليم العالي، والثقافة، والإدارة البلدية على عاتق الولايات. وفي الوقت نفسه، لا تُطبّق إدارات الولايات قوانينها الخاصة فحسب، بل تُطبّق أيضًا قوانين الحكومة الاتحادية. وتُشارك حكومات الولايات مباشرةً في التشريع الاتحادي من خلال تمثيلها في المجلس الاتحادي (البوندسرات).
ماذا تعني الفدرالية في ألمانيا؟
الفيدرالية في ألمانيا ليست مجرد نظام حكومي؛ فهي تعكس البنية الثقافية والاقتصادية اللامركزية للبلاد، وتتجذر في تقاليدها العريقة. وإلى جانب وظيفتها السياسية، تعكس الولايات أيضًا هويات إقليمية متميزة. وقد كرّس الدستور (القانون الأساسي) لعام 1949 مكانتها القوية.

ما عدد الولايات الاتحادية في ألمانيا؟
منذ عودة الوحدة الألمانية في عام 1990 تتكون ألمانيا من 16 ولاية اتحادية. حيث أنه بعد انضمام جمهورية ألمانيا الديمقراطية (DDR) إلى جمهورية ألمانيا الاتحادية تم تأسيس خمس ولايات اتحادية جديدة: براندنبورغ، مكلنبورغ-فوربومرن، زاكسن، زاكسن-أنهالت، تورينغن. مع حوالي 18 مليون نسمة تعتبر ولاية نوردراين-فيستفالن الولاية الأكبر من حيث عدد السكان، بينما تعتبر ولاية بافاريا الأكبر من حيث المساحة، إذ تبلغ مساحتها 70540 كيلومتر مربع. من الأمور المميزة أيضا الولايات الثلاث التي تتألف كل منها من مدينة واحدة. حيث تنحصر حدود كل منها في حدود المدن الكبيرة برلين وبريمن/بريمرهافن وهامبورغ.
جولة بين الولايات الاتحادية

تقع ثالث أكبر ولاية اتحادية في جنوب غرب ألمانيا، وتحدها فرنسا وسويسرا. شتوتغارت هي عاصمة الولاية. تشتهر بادن-فورتمبيرغ، التي يزيد عدد سكانها عن أحد عشر مليون نسمة، بمناطقها السياحية مثل الغابة السوداء، ومدنها الثقافية مثل هايدلبيرغ (الصورة)، بالإضافة إلى قوتها الاقتصادية. تُعدّ بادن-فورتمبيرغ الوجهة التصديرية الأولى في ألمانيا، وموطنًا لشركات عالمية مرموقة، وشركات عالمية رائدة أصغر حجمًا، تُعرف باسم «الأبطال الخفيين».

تقع أكبر ولاية اتحادية من حيث المساحة في جنوب شرق البلاد، وتطل على مناظر بانورامية لجبال الألب جنوبًا. كما يقع جبل تسوغشبيتسه، أعلى جبل في ألمانيا، في بافاريا. وتستضيف عاصمة الولاية، ميونيخ (الصورة)، أكبر مهرجان شعبي في العالم كل عام: مهرجان أكتوبرفيست. وتُعد هذه الولاية، التي يزيد عدد سكانها عن 13 مليون نسمة، موطنًا لنادي بايرن ميونخ لكرة القدم، أنجح أندية كرة القدم في ألمانيا، كما أنها من أقوى المناطق الاقتصادية في البلاد.

باعتبارها مدينة-دولة، تُعدّ العاصمة الألمانية، مثل هامبورغ وبريمن، ولاية اتحادية أيضًا. يعيش في المدينة، التي كانت مقسمة حتى سقوط جدار برلين في تشرين الثاني/نوفمبر 1989، ما يقرب من أربعة ملايين نسمة. رموز مدينة برلين مثل بوابة براندنبورغ، ومبنى الرايشستاغ (الصورة)، وهو مقر البرلمان الألماني (البوندستاغ)، ونقطة تفتيش تشارلي على الحدود الألمانية-الألمانية السابقة، تتمتع جميها بشهرة عالمية واسعة. تُقدّم العاصمة عروضًا ثقافية فريدة، على سبيل المثال في جزيرة المتاحف المُدرجة على قائمة التراث العالمي، والواقعة في قلب المدينة.

تحيط هذه الولاية بالعاصمة برلين، المدينة النابضة بالحياة. العديد من سكان العاصمة يتوجهون إلى هذه المنطقة قليلة السكان بغاباتها الجميلة وحوالي 3000 بحيرة، خلال عطلات نهاية الأسبوع، بحثا عن الهدوء والاستجمام. يعيش حوالي 2,5 مليون نسمة في براندنبورغ، أي أقل بأكثر من مليون نسمة من سكان برلين. عاصمة الولاية، بوتسدام، وقصرها الشهير عالميا، سانسوسي (الصورة)، يقعان على مشارف العاصمة الاتحادية مباشرةً.

بريمن هي أصغر ولاية اتحادية في ألمانيا، وتتألف من مدينتين: بريمن وبريمرهافن، التي تقع على بُعد حوالي 60 كيلومترًا شمالًا، مباشرةً على ساحل بحر الشمال. يسكن الولاية حوالي 700 ألف نسمة. ومن معالمها البارزة متحف موسيقيي مدينة بريمن (الصورة): يخلد التمثال رمز المدينة مغامرات الحمار والكلب والقط والديك، وهي من الحكاية الشعبية التي تحمل الاسم نفسه.

المدينة الهانزية (التجارية) هي ثاني أكبر مدينة في ألمانيا، وهي أيضًا ولاية اتحادية، باعتبارها واحدة من ثلاث ولايات-مدن. يعيش في هامبورغ ما يقرب من مليوني نسمة، وتتميز بأكبر ميناء بحري في ألمانيا، «البوابة نحو العالم»، وهو يؤثر كثيرا في حياة المدينة. لا يزال التقليد التجاري العريق ينعكس في هذه المدينة الشمالية متعددة الثقافات. وقد رسخت دار إلبة فيلهارمونيكا للموسيقى (الصورة) مكانتها مؤخرًا كمعلم جديد، تشد الانتباه بحفلاتها الموسيقية المتميزة وهندستها المعمارية الفريدة وإطلالاتها الخلابة على المدينة والميناء.

بعد الحرب العالمية الثانية، كان الحديث يدور حول فرانكفورت، العاصمة المالية والتجارية، لتكون عاصمةً لجمهورية ألمانيا الاتحادية، ولكن تم اختيار بون بدلاً منها. وبعد إعادة توحيد ألمانيا، أصبحت العاصمة برلين. اليوم، لا تزال فرانكفورت (الصورة) تُهيمن على صورة ولاية هيسن بالمشهد السماوي المتميز وبورصتها الشهيرة وأكبر مطار في ألمانيا. إلا أن عاصمة الولاية هي مدينة فيسبادن القريبة من فرانكفورت. في الوقت نفسه، تُعتبر هيسن، التي يزيد عدد سكانها عن ستة ملايين نسمة، واحدة من أكثر مناطق ألمانيا كثافةً بالغابات.

الولاية الأقل كثافة سكانية تقع في شمال شرق ألمانيا، حيث يبلغ عدد سكانها 1,6 مليون نسمة، وهي تُعدّ جنة طبيعية: بأكثر من 2000 بحيرة و350 كيلومترًا من ساحل بحر البلطيق، تُعدّ من أشهر وجهات السفر في البلاد. تقع جزيرة أوزيدوم، أكبر جزيرة في ألمانيا، أيضًا في مكلنبورغ-فوربومرن. عاصمة الولاية هي شفيرين، التي يقع فيها برلمان الولاية ويتخذ مقرًا له منذ عام 1990 في قلعة شفيرين المهيبة (الصورة)، العريقة في تاريخها الذي يمتد لألف عام.

تمتد ثاني أكبر ولاية ألمانية من حيث المساحة من جزر شرق فريزن في بحر الشمال، مثل بوركوم ونورديرني، إلى جبال هارتس في وسط البلاد. وتعتمد الولاية، التي يبلغ عدد سكانها حوالي ثمانية ملايين نسمة، على السياحة والزراعة وصناعة السيارات، بالإضافة إلى المعارض التجارية المهمة التي تقام في عاصمة الولاية، هانوفر (الصورة).

الولاية الاتحادية الأكثر اكتظاظًا بالسكان في ألمانيا تجمع مناطق متنوعة مثل منطقة الرور، التي كانت تُهيمن عليها مناجم الفحم سابقًا، ومنطقة راينلاند، التي تتوسطها مدينة كولونيا (الصورة) المليونية، وعاصمة الولاية دوسلدورف. كما أن ولاية نوردراين-فيستفالن تمر بمرحلة انتقالية: فبدلاً من مناجم الفحم، أصبحت الأبحاث والثقافة سمةً مميزةً للولاية التي يبلغ عدد سكانها 18 مليون نسمة. وحتى إعادة توحيد ألمانيا عام 1990، كانت بون، الواقعة بالقرب من كولونيا، عاصمة لجمهورية ألمانيا الاتحادية.

هذه الولاية الواقعة في جنوب غرب ألمانيا هي المنطقة الأولى لزراعة العنب في ألمانيا: ست مناطق من إجمالي ثلاث عشرة منطقة لزراعة العنب في ألمانيا تقع في ولاية راينلاند-بفالتس، بما في ذلك أكبر هذه المناطق، راينهيسن (الصورة). تاريخيًا، ترك الرومان بصماتهم في المنطقة منذ أكثر من ألفي عام؛ ولا يوجد في أي مكان آخر في ألمانيا اليوم آثار رومانية أكثر مما يتواجد هنا. عاصمة الولاية، التي يبلغ عدد سكانها حوالي أربعة ملايين نسمة، هي مدينة ماينز.

لم تصبح سارلاند الولاية الاتحادية العاشرة في جمهورية ألمانيا الاتحادية إلا في عام 1957، بعد أن كانت في البداية ولاية شبه مستقلة مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بفرنسا منذ الحرب العالمية الثانية. ويتأثر سكانها البالغ عددهم مليون نسمة تقريبًا اليوم بموقعها ضمن منطقة سارلاند ولوكسمبورغ، التي تمتد عبر أجزاء من ألمانيا وفرنسا ولوكسمبورغ وبلجيكا. وعاصمة الولاية الألمانية الاتحادية الأصغر هي ساربروكن (الصورة).

تقع ولاية زاكسن (سكسونيا) الحرة على الحدود مع بولندا وجمهورية التشيك، وتتمتع بتاريخ عريق يمتد لأكثر من ألف عام. تُعد الولاية، التي يبلغ عدد سكانها أربعة ملايين نسمة، مركزًا اقتصاديًا هامًا في شرق ألمانيا، كما تجتذب العديد من الزوار سنويًا إلى عاصمتها دريسدن (الصورة)، المعروفة باسم «فلورنسا على نهر إلبه»، ومدينة لايبزيغ، عاصمة الاقتصاد والثقافة، وجبال إرتس.

تضم الولاية الواقعة في وسط ألمانيا ستة مواقع مدرجة على قائمة اليونسكو للتراث العالمي، مما يجعلها من أكثر المناطق كثافةً في هذه المواقع. ومن بين هذه المواقع مدرسة باوهاوس في ديساو، ونصب مارتن لوثر التذكارية في كل من آيسليبن وفيتنبرغ، ومدينة كفيدلينبورغ القديمة (الصورة). كما تُعد الولاية، التي يبلغ عدد سكانها حوالي مليوني نسمة، مركزًا هامًا للصناعات الكيميائية وإنتاج الرقائق الإلكترونية في أوروبا. أما عاصمة الولاية فهي ماغدبورغ.

شليسفيغ هولشتاين، التي يطلق عليها «أرض ما بين البحار»، تقع بين بحر الشمال غربًا وبحر البلطيق شرقًا، وتحدها الدنمارك شمالًا. كيل هي عاصمة هذه الولاية الاتحادية الواقعة في أقصى الشمال، ويبلغ عدد سكانها قرابة ثلاثة ملايين نسمة. بفضل جزرها مثل زولت (الصورة)، تُعد الولاية من أشهر وجهات العطلات. ويُعتبر موقع البحر الضحل، المدرج على قائمة التراث العالمي الطبيعي، والذي يمتد من هولندا عبر ألمانيا إلى الدنمارك، رمزا لهذه الولاية.

تقع الولاية جغرافيًا في وسط ألمانيا، وقد عاش فيها كلٌّ من غوته وباخ ولوثر. وُلد الموسيقي الشهير يوهان سيباستيان باخ في آيزناخ، وعاش الشاعر يوهان فولفغانغ فون غوتة في فايمار لسنوات عديدة (الصورة)، وترجم المصلح مارتن لوثر كتاب العهد الجديد إلى الألمانية في قلعة فارتبورغ. أما عاصمة ولاية تورينغن، التي يزيد عدد سكانها قليلًا عن مليوني نسمة، فهي إرفورت.