ألمانيا: الوجهة الأولى لأصحاب المهارات
يتميز سوق العمل الألماني باستقراره، ويوفر فرص عمل جذابة للكوادر المؤهلة والمتخصصة من خارج البلاد. في عام 2024 بلغ متوسط عدد العاملين في ألمانيا 46,1 مليون إنسان، وهو أعلى رقم منذ إعادة توحيد ألمانيا عام 1990.
العمل بدوام جزئي يحمي فرص العمل في زمن الأزمة
الأساس في ذلك هو الاقتصاد القوي، كما عملت وسائل الحكومة المُجربَّة لمكافحة الأزمة على دعم سوق العمل. وهكذا خُفِّفت عواقب جائحة كورونا على سوق العمل بشكلٍ حاسم بفضل أداة «العمل بدوام جزئي»، والتي أثبتت نجاعتها بالفعل خلال الأزمة الاقتصادية والمالية 2008/2009. وهي أداةٌ تُمكِّن الشركات من إرسال الموظفين مؤقتًا إلى عملٍ قصير المدة مدعومٍ من الدولة في حالة حدوث تراجع كبير في أحجام الأعمال بسبب الأزمة. وهكذا يمكن تحاشي حالات التسريح من العمل وتسهيل البداية من جديد بعد الأزمة.
إصلاحات من أجل سوق عمل حديث
من أجل بناء سوق عمل عصري وعادل وشفاف، نفّذت الحكومة الاتحادية الألمانية العديد من المبادرات الرائدة في مجال سياسات سوق العمل.
- منذ العام 2015 تم تبني الحد الأدنى القانوني للأجور، وتعديله بانتظام.
- يؤدي تخصيص حصة للنساء إلى تعزيز المساواة في المناصب القيادية. منذ عام 2016، طُلب من الشركات المدرجة في البورصة والشركات الخاضعة لقرار المشاركة الكاملة تخصيص نسبة 30% من مقاعد مجاس الإشراف للمرأة.
- يضمن «قانون وحدة التعرفة» عدم قيام الشركة بتنظيم عقود العمل بتعرفات متفاوتة.
العمل المتنقل: المفتاح لمزيد من المرونة؟
يشهد عالمُ العمل في ألمانيا تغيُّرًا مستمرًا. يتميَّز هذا التغيُّر بالرقمنة، ولكن أيضًا باستقلالية العديد من الأنشطة المهنية عن المكان ومحل العمل، وإمكانية العمل ولو جزئيًا على الأقل من المنزل. لقد تلَّقى العمل المتنقل دفعةً هائلةً نتيجةً لوباء كورونا. منذ ذلك الحين، يعمل ما يصل على الأقل إلى ثلث الموظفين في قطاع الخدمات انطلاقا من المنزل. وتضمن الحكومة الاتحادية أن تُكفَل حقوقُهم وحمايُتهم أيضًا عند العمل عن بُعد.
العمل بشكل مستقل في ألمانيا
يتمتع العديد من الموظفين في ألمانيا بحرية تحكم أكبر في ساعات عملهم مقارنةً ببضع سنوات مضت. فبالإضافة إلى العمل بدوام جزئي، يمكنهم بفضل نظام «الوقت المرن» اختيار أوقات العمل التي يريدون، مع مراعاة مواعيد بدء وانتهاء يوم عملهم. كما يحق للموظفين تخفيض ساعات عملهم لمدة تصل إلى ستة أشهر من أجل رعاية أفراد أسرهم.
ألمانيا: الوجهة الأولى لأصحاب المهارات
ثمة اتجاهٌ مهمٌ يتجلَّى في تنقُّلٍ متزايد في سوق العمل الأوروبي. وحرية التنقُّل هي أحدُ المبادئ الأساسية للاتحاد الأوروبي. لذلك تلعب الهجرة داخل أوروبا دورًا رئيسيًا بالنسبة للكوادر المتخصصة؛ حيث تعد ألمانيا مقصدًا مهمًا في هذا الصدد.
لماذا تبقى الكثير من فرص العمل شاغرة؟
تواجه ألمانيا نقصًا في العمالة الماهرة والمتخصصة. وفي ظل التغيرات الديموغرافية، يُعدّ تأمين قوة عاملة ماهرة كافية للاقتصاد الألماني من أكثر مهام الحكومة الاتحادية إلحاحًا. ووفقًا لاتحاد غرف الصناعة والتجارة الألمانية (DIHK)، في عام 2024 لم تتمكن 43% من الشركات التي شملها الاستطلاع، والبالغ عددها نحو 23 ألف شركة، من شغل الوظائف الشاغرة بسبب نقص المتقدمين المؤهلين.
- التغير الديموغرافي: يتزايد عدد سكان ألمانيا شيخوخةً، مما يعني أن عدد المتقاعدين يفوق عدد الشباب الذين يدخلون سوق العمل. ويتفاقم هذا الاتجاه بسبب انخفاض معدل المواليد في العقود الأخيرة، مما يحدّ أكثر من أعداد الشباب العامل والمنتج.
- التغير الهيكلي في الاقتصاد والمجتمع: تُسهم الرقمنة والأتمتة والابتكارات التكنولوجية في خلق أنماط وظيفية جديدة، وتغيير الأدوار الحالية. وهذا يزيد من الطلب على مؤهلات الموظفين، مما يؤدي بدوره إلى زيادة الحاجة إلى الكوادر الماهرة والمتخصصة.
- النمو الاقتصادي ومشاريع الاستثمار: تتطلب مشاريع البنية التحتية الجديدة، والتحول في مجال الطاقة، والتحديث، مهنيين مؤهلين تأهيلاً عالياً، لا سيما في قطاعات البناء والهندسة والتكنولوجيا.
- رعاية الأطفال والتعليم
- العمل الاجتماعي والتربية الاجتماعية
- رعاية الصحة والتمريض
- رعاية المسنين
- الكهرباء والحرف اليدوية
- صناعة البناء
أظهرت دراسة أجرتها مؤسسة برتلسمان عام 2024 أنه بدون الهجرة، سينخفض عدد العمال في ألمانيا بنسبة 10 في المائة بحلول عام 2040. ولتلبية متطلبات سوق العمل المستقبلية ومنع انهيار القوى العاملة المحتملة، ستكون هناك حاجة إلى حوالي 288000 ألف عامل أجنبي سنويًا حتى عام 2040.
ما هي الفرص التي يتيحها قانون هجرة العمالة المؤهلة والتخصصية؟
ألمانيا مستعدة لاستقبال تدفق طويل الأمد للعمالة الماهرة. ومن أهم عناصر هذا الأمر قانون هجرة العمالة الماهرة، الذي دخل حيز التنفيذ في الأول من آذار/مارس 2020، ويخضع للتعديل والتطوير باستمرار. يُسهّل هذا القانون وصول العمالة الماهرة من دول خارج الاتحاد الأوروبي إلى سوق العمل الألماني. في السابق، كان هذا الوصول يقتصر على حاملي المؤهلات الأكاديمية. ومنذ عام 2020، أصبح ينطبق أيضًا على العمالة الماهرة الحاصلة على مؤهلات مهنية من الخارج. ونظرًا لخصائص نظام التأهيل المهني المزدوج في ألمانيا الفريدة ومعاييره العالية، تعمل الحكومة الاتحادية أيضًا على تحسين فرص الأشخاص للقدوم إلى ألمانيا للمشاركة في برامج تدريبية من خلال قانون هجرة العمالة الماهرة. والآن، يمكن للراغبين في التدريب المهني الحصول على تصريح إقامة.